التداول ينطوي على مخاطر عالية على رأس المال المستثمر، يجب فهم جميع المخاطر قبل الاستثمار.

الشركة لا تتعامل مع الأصول الافتراضية أو العملات المشفرة

الشركة مرخصة من هيئة سوق رأس المال الفلسطينية تحت رقم (PCMA/CFI/562776930)

اقتصاد

أول مئة يوم من رئاسة ترامب : التأثير الاقتصادي وصدمات السوق

مجدي نوري
مجدي نوري
calendar
28 إبريل, 2025
header background

يتجه الرئيس دونالد ترامب الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة الأميركية يوم الأربعاء من هذا الأسبوع لإكمال فترة المئة يوم الأولى من ولايته الثانية، وهي الفترة المليئة بالأحداث التي قلبت الاقتصاد العالمي رأسا على عقب، ودفعت العديد إلى إعادة النظر في العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة الأميركية، سواء على صعيد المنافسين أو على صعيد الشركاء التجاريين.

وفيما يلي أبرز ما حدث خلال هذه الفترة، وما يشير إليه المحللون فيما يتعلق بها وما يمكن أن تفضي إليه سياسات ترامب القادمة.

أولا. ما هي فترة مئة يوم الأولى الرئاسية؟

اكتسبت هذه الفترة المبكرة من ولاية أي رئيس أميركي أهميتها الرمزية خلال الولاية الأولى للرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت، والذي استلم زمام الرئاسة الأميركية في وقت حرج جدا اقتصاديا وتحديدا فترة الكساد العظيم، لتعتبر بعد ذلك مقياسا للنجاح المبكر لأي رئيس أميركي.

ثانيا. ترامب يهز الاقتصاد في مئة يوم فقط!

لقد أصبحت بصمة دونالد ترامب واضحة بشكل لا يمكن إنكاره في عالم الأعمال والاقتصاد، لدرجة أنها وصفت على صفحات تايم بأنها الفترة الأكثر زعزعة للاستقرار في التاريخ الأميركي بشكل كامل.

أصدر ترامب العديد من القرارات التي تتعلق بالبيت الأميركي الداخلي، والعلاقات الأميركية التجارية الخارجية، لتوصف بأنها القرارات أو السياسات المالية الأكثر عدائية، فيما وصفها البعض بأنها إجراءات غير مبررة.

إلا أن ترامب لم يكن مكترثا بكل الانتقادات لأدائه وسياساته، وذلك حينما كرر أكثر من مرة بأن ما يجري هو الثمن الذي لا بد من دفعه أثناء إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي، والدفع نحو أميركا عظيمة من جديد.

ولكن الهدف الكبير الذي حدده ترامب، صاحبه الكثير من الأمور، كان أبرزها المخاوف الواسعة من إشعاله لحرب تجارية عالمية تفضي إلى نوع من أنواع الركود الواسع، بل والدفع نحو الركود التضخمي الذي حدث نهاية سبعينيات القرن الماضي، حينما اجتمعت معضلتا الركود والتضخم المرتفع.

وإن كان هناك من أمور قد شغلت العالم خلال الأيام المئة الاولى من ولاية ترامب الثانية، فإنها ستتمثل في الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضها على مختلف دول العالم، والتي أدت إلى انهيار أسواق المال بشكل كبير جدا.

ومع هذه الرسوم الجمركية أضاف ترامب معضلة أثارت شكوك العالم حول استقلالية الفيدرالي الأميركي، وذلك حينما هاجم ترامب رئيس الفيدرالي الأميركي جيروم باول وهدده بالإقالة.

كل هذا المخاوف من ركود عالمي، وتراجع في التجارة، وتهديد للأمل بعودة الاستقرار الاقتصادي، والتي حدثت خلال هذه الفترة المبكرة من ولاية ترامب، وصفها ترامب نفسه في تصريحات حديثة لمجلة تايم بأنها "نجاح باهر"، وذلك حينما قال: "ما أفعله بالضبط هو ما دافعت عنه في حملتي الانتخابية".

بل إن ترامب أكد أن ما يحاول القيام به هو إصلاح ما صنعه أسلافه من رؤوساء سابقين من كلا الحزبين.

ثالثا. ردات الفعل على سياسات ترامب:

يمكن وصف ردات الفعل العالمية على سياسات ترامب، بأنها ردات فعل تاريخية، حيث قامت ألمانيا ومعها أوروبا بزيادة الإنفاق الدفاعي في خطوة مفاجأة وغير معتادة من قبل هذه الاقتصاديات.

أما الصين وهي المنافس المباشر للاقتصاد الأميركي، فتعاملت بندية واضحة مع الجانب الأميركي، وذلك بعدما باشرت بالرد على الرسوم الأميركية برسوم مشابهة، بل وطالبت بالمعاملة العادلة دون شروط قبل الجلوس على طاولة المفاوضات التجارية.

وإن كان هذا شأن اوروبا وزعيمها الاقتصادي الألماني، ومعها الصين، فإن ردود الفعل الدولية تباينت، بين التوجه إلى طاولة المفاوضات التجارية مع أميركا، وبين من يحاول سنّ إجراءات طارئة لحماية اقتصاده من تأثير تلك الرسوم على بلاده.

أما الشركات وبغض النظر عن حجمها، فقد أرسلت رسائل مباشرة بأن سياسات ترامب قد تلحق بهم خسائر كبيرة، مطالبين ترامب وإدارته بالتراجع عن الرسوم التي لا يجدها الكثيرون بأنها ستصب في مصلحة أي أحد.

فيما كانت هناك مؤشرات تنذر بمشاكل اقتصادية قادمة، كان من أبرزها مؤشر ثقة المستهلك الذي سجل أدنى مستوياته في ثلاث سنوات، مع توقع ارتفاع التضخم نتيجة لهذه الحرب التجارية.

أما معدل تأييد ترامب وبموجب استطلاع رأي أجراه مركز بيو، فإنه بات في أدنى مستوى في هذه المرحلة المبكرة من فترة الرئاسة مقارنة بأي رئيس آخر.

رابعا. الخاسرون والرابحون خلال المئة يوم الأولى:

جاء ترامب مدفوعا بالعديد من الآمال بأن تكون ولايته الثانية مثمرة وواعدة بالنسبة لأسواق المال، إلا أنه وسرعان ما انقلبت الصورة رأسا على عقب، وذلك في كل مرة كان يهدد فيها ترامب بفرض رسوم جمركية قبل التراجع عنها، بل ولتشتدد الصورة قتامة بعد يوم التحرير في الثاني من أبريل، وبعد هجوم ترامب على الفيدرالي.

حيث تراجعت مؤشرات الأسهم بشكل جماعي منذ تولي ترامب لولايته في العشرين من يناير وحتى الثامن من أبريل، وهو اليوم الذي سبق إعلانه تعليق رسومه الجمركية حتى 90 يوما قادمة، وهو ما يوضحه الشكل التالي:

بل إن سوق السندات (سندات الخزانة الأميركية) كان أبرز المتأثرين سلبا بسياسات ترامب، حينما شهد تراجعا سعريا، وارتفاعا في العوائد، بشكل كان يشير إلى مخاوف المستثمرين من مشاكل اقتصادية في الساحة الأميركية.

فيما انخفض الإقبال على الدولار الأميركي، بعدما تراجعت الثقة باقتصاده، لينخفض مؤشر الدولار الأميريكي لأدنى مستوى له في ثلاث سنوات مقابل سلة من العملات الرئيسية له.

أما على الصعيد الآخر، جاء بعض الرابحين، وتحديدا الملاذات الآمنة التي توجه لها المستثمرون هروبا من الوضع الأميركي المضطرب، لتتمثل تلك الملاذات بالذهب والفرنك السويسري والين الياباني، إلى جانب اليورو الذي كان قد استفاد بتراجع إقبال المستثمرين على الدولار الأميركي.

خامسا. كيف ينهي ترامب فترة مئة يوم الأولى؟

يشير بعض المحللين إلى أن تصرفات ترامب في فترته الرئاسية المبكرة، ما كانت سوى تأكيد من ترامب على أنه عازم على إخضاع الجميع ودفعهم إلى ساحة عمل مختلفة أثناء تعاملهم مع الجانب الأميركي، وهو ما يتضح مع العديد من الاطراف كاليابان وكوريا الجنوبية وتايوان والعديد من الدول الآسيوية التي بدأت بالجلوس على طاولة المفاوضات، إضافة إلى تصريحات مطمئنة نوعا ما من قبل الجانب الأوروبي.
ويستند هذا الرأي على ما قام به ترامب من تأجيل للرسوم الجمركية بعد أيام قليلة فقط من يوم التحرير الذي أعلن خلاله رسوم جمركية شاملة وواسعة على مختلف دول العالم، وذلك حتى تاريخ التاسع من يوليو القادم، بدفع من كل من وزير الخزانة سكوت بيسنت ووزير التجارة هوارد لوتنيك، ليمنح ترامب بهذا التأجيل جميع الأطراف فترة للتفاوض مع الجانب الأميركي بشكل منفرد.

وقد انتعشت الأسواق المالية على الفور بعد إعلان ترامب لهذا التعليق، وإن لم تصل إلى مستويات ما قبل "يوم التحرير" (2 أبريل)، بينما بدأت بعض الملاذات بالتراجع وعلى رأسها الذهب الذي تخلى عن قمته التاريخية القياسية التي اقترب فيها من مستويات 3500 دولارا أميركيا.

أما الجانب الصيني، فقد اكد ترامب كثيرا على أن هناك مفاوضات أو محادثات تجري بينهما، بل إن ترامب توقع الإعلان عن مجموعة كاملة من الصفقات خلال الأسابيع القادمة، رغم نفي الصين لهذه الأخبار والتصريحات.

كما تراجع ترامب عن هجومه ضد رئيس الفيدرالي، مؤكدا أنه لم يقصد أبدا التهديد بإقالته أو التدخل في سياسات الفيدرالي بشكل سيء، بل إنه كان يحث مسؤولي الفيدرالي على تخفيض الفوائد لتدارك حدوث اي نوع من أنواع الركود.

الخاتمة:

من خلال ما تم استعراضه سابقا، فإن فترة المئة يوم الأولى من ولاية ترامب الثانية اتسمت باجراءات اقتصادية جريئة بشكل كبير جدا، كان يقصد ترامب من خلالها وبشكل علني إعادة تشكيل ديناميكيات الاقتصاد والتجارة العالمية، بشكل أحدث اضطرابا بشكل كبير في الأسواق المالية.

وعلى الرغم من تحذير العديد من الجهات من هذه الإجراءات والسياسات، إلا أن بعض المحللين يرون بأن ترامب قد يعمد إلى تغيير حدة لهجته في استخدام سياساته المالية، وذلك بعدما يطمئن لعودة العديد من الأطراف إلى طاولة المفاوضات التجارية والتوصل إلى حل يفضي إلى معالجة العديد من الأمور الاقتصادية وأبرزها العجز التجاري الأميركي وإعادة رسم صورة الرسوم الجمركية المتبادلة بين مختلف الاقتصاديات العالمية وبين الاقتصاد الأميركي، وبشكل يدفع إلى تعزيز الصناعة الأميركية المحلية في مواجهة التنافسية العالمية.

 

افصاح: المعلومات الواردة في هذا التقرير هي لغايات نشر المعلومات فقط. قد تكون المعلومات مصدرها بيانات من طرف ثالث ومزودي الأسواق المالية، وإن مجموعة (سي إف أي ) بالإضافة الى الشركات التابعة لها الخاضعة للتنظيم غير مسؤولين بأي شكل من الأشكال عن أية خسائر و/أو إجراء يتخذه المستثمر بناءً على هذا التقرير، ولذلك أي قرار للاستثمار يتخذه المستثمر فهو مبني على قراره وحكمه وخبرته أو على مشوره خاصة اختار الحصول عليها من قبل مستشار مالي أو مستشارين ماليين. نحن لا نقدم أي مشورة استثمارية بهدف التأثير على قرار المستثمر. وأن محتويات التقرير لغرض نشر المعلومات فقط، وتعتبر كخدمات إضافية او استثمارية او مشورة. نقدم معلومات وتحليلات عامة التي قد لا تأخذ بعين الاعتبار أية من أهدافك او الوضع المالي والظروف الشخصية او الاحتياجات. لذلك عليك دائماً النظر للأهداف وأخطار التداول الخاص بك، وبالتالي لا يجب الاستثمار بأي مبالغ لا يمكنك الاستغناء عنه. كل ما ورد بهذا التقرير من معلومات وبيانات فقط لغرض تمكينك من اتخاذ القرارات الاستثمارية الخاصة بك ولا يجوز تفسيرها بأنها نصيحة او توصية شخصية. محتوى المقال يعكس أراء واعتقادات المؤلفين ولا يعكس بالضرورة توجهات (سي اف أي). وان الشركة غير مسؤولة عن اي قرارات او عمليات يقوم بها المستثمر، حيث يملك المستثمر كامل الحرية والإرادة لاتخاذ أي قرار يراه مناسب لاستثماره. هذا المنشور ملكية ل (سي اف أي) فقط. كما تنص الاتفاقية بأنه على الطرف المتلقي فقط عرضها وألا يتم النشر أو التوزيع او إعادة صياغة التقارير المستلمة وارسالها لأية أطراف أخرى، وسيتم تعقب أي فرد أو شركة تقوم بالنشر او النسخ بتهمة انتهاك حقوق النشر.